رسول الله صلى الله عليه سلم إذا نظرنا له في تصرفاته وفي تعاملاته نجد أنه
رجل الأخلاق الأول في كل حركه وكل خطوه نتعلم من رسولنا الكريم خلق عال ،،
نستعرض الآن خلق من أخلاق رسولنا الكريم
الحلم والصفح الجميل ،،
من تصفح تاريخ العظماء والزعماء حين انتصاراتهم بعد هزيمة أو جولة خاسرة
وجد فيهم صفة تجمعهم جميعا لم يسلم منها إلاّ الأنبياء ألا وهي الانتقام.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في نبل المنتصر، فرغم
أنّه طُرد من مكة وصُودرت ممتلكاته وأُوذي من أهلها إذاءا شديدا في بداية
نبوّته , إلاّ أنّه حينما دخلها منتصرا نصرا ساحقا تاما ما كانت عظمة
شخصيته وكرم أخلاقه لتسمح له بالانتقام ، بل عفا عن كل من ظلمه وصفح عن
جميع الناس عفوا عاما وهو قادر على الانتقام منهم انتقاما شديدا.
فقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء )
وعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من
أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل ، بل قابله ساداتها بقبيح
القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله
عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف،
ولم يفق إلا و جبريل رضي الله عنه قائماً عنده يخبره بأن الله بعث ملك
الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى
الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من
أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ، فأي شفقة وأي
عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم،، عن أنس بن مالك قال كنت أمشي مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي
فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال
الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر
له بعطاء ،، صحيح البخاري.
ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب
خادماً، أو امرأة، ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو
ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن
يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء
من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم.
وهكذا ربّى الإسلام محمدا وأتباعه على هذه الأخلاق الراقية التي تحرّرت من
قيود الذاتية والأنانية. كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول {خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199
صلوات الله وسلامه عليك يا حبيبي يا رسول الله